يكونُ في جميع المعمولاتِ مِنْ فاعلٍ ومفعولٍ وغيرِهما إلاَّ المصدرَ المؤكِّدَ فإنه لا يكونُ فيه «.
وقد اختلفَ الناسُ في تأويلِها على أوجهٍ، أحدُها: ما قاله المبردُ وهو: أنَّ الأصلَ: إنْ نحن إلاَّ نظنُّ ظنَّاً. قال:» ونظيرُه ما حكاه أبو عمروٍ «ليس الطِّيْبُ إلاَّ المِسْكُ» تقديرُه: ليس إلاَّ الطيبُ المسكُ «قلتُ: يعني أن اسمَ» ليس «ضميرُ الشأنِ مستترٌ فيها، وإلاَّ الطيبُ المسكُ في محل نصب خبرُها، وكأنه خَفِيَ عليه أنَّ لغةَ تميمٍ إبطالُ عملِ» ليس «إذا انتقض نفيُها ب» إلاَّ «قياساً على» ما «الحجازيةِ، والمسألةُ طويلةٌ مذكورةٌ في كتابي» شرح التسهيل «وعليها حكايةٌ جَرَتْ بين أبي عمروٍ وعيسى بن عمر. الثاني: أنَّ» ظنَّاً «له صفةٌ محذوفةٌ تقديره: إلاَّ ظناً بَيِّناً، فهو مختصٌّ لا مؤكِّد. الثالث: أَنْ يُضَمَّنَ» نظنُّ «معنى نَعْتقد، فينتصِبَ» ظَنَّاً «مفعولاً به لا مصدراً. الرابع: أنَّ الأصلَ: إنْ نظنُّ إلاَّ أنكم تظنون ظنَّاً، فحذف هذا كلَّه، وهو مَعْزُوٌّ للمبردِ أيضاً. وقد رَدُّوه عليه: من حيثُ إنَّه حَذَفَ أنَّ واسمَها وخبرَها وأبقى المصدرَ. وهذا لا يجوزُ. الخامس: أنَّ الظنَّ يكونُ بمعنى العِلْمِ والشكِّ فاستثنى الشكَّ كأنه قيل: ما لنا اعتقادٌ إلاَّ الشكَّ. ومثلُ الآية قولُ الأعشى:
٤٠٣٧ - وحَلَّ به الشَّيْبُ أثقالَه ... وما اعْتَرَّه الشيبُ إلاَّ اعْتِرارا