لأنه يُشْبِهُ الضميرَ من حيث إنه لا يُوصَف ولا يُوْصَفُ به، والأعرافُ ينبغي أن يُجْعَلَ الاسمَ، وغيرُ الاعرفِ الخبرَ. وتقديمُ خبرِ ليس على اسمِها قليلٌ حتى زَعَم مَنْعَه جماعةٌ، منهم ابن دَرَسْتَوَيْه قال: لأنها تُشْبه «ما» الحجازية، ولأنها حرفٌ على قولِ جماعةٍ، ولكنه محجوجٌ بهذه القراءة المتواترةٍ وبقول الشاعر:
٨٢٤ - أليسَ عظيماً أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ ... وليس علينا في الخُطوبِ مُعَوَّلُ
وفي مصحفِ أُبَيّ وعبد الله:«بأن تُوَلُّوا» بزيادةِ الباءِ وهي واضحةٌ، فإنَّ الباءَ تُزاد في خبرِ «ليس» كثيراً.
وقوله:{قِبَلَ} منصوبٌ على الظرفِ المكاني بقوله «تُوَلُّوا» ، وحقيقةُ قولك:«زيدٌ قِبَلك» : أي في المكانِ الذي قبلك فيه، وقد يُتَسَّع فيه فيكونُ بمعنى «عند» نحو: «قِبَل زيدٍ دَيْنٌ» أي: عندَه دَيْنٌ.
قوله:{ولكن البر مَنْ آمَنَ} في هذهِ الآيةِ خمسةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّ «البِرَّ» اسمُ فاعلٍ من بَرَّ يَبَرُّ فهو بِرٌّ، والأصلُ: بَرِرٌ بكسرِ الراءِ الأولى بزنة «فَطِن» ، فلما أُريد الإِدغام نُقِلَتْ كسرةُ الراءِ إلى الباءِ بعد سَلْبِها حركتَها،