المعنى. أمّا من حيث اللفظُ. فإنَّ عَوْدَ الضميِر على غيرِ مذكورٍ بل مدلولٌ عليه بشيءٍ خلافُ الأصل. وأما من حيث المعنى فإن المدح لا يَحْسُنُ على فعل شيء يحبه الإِنسان لأنَّ هواه يساعده على ذلك وقال زهير:
٨٢٦ - تَراهُ إذا ما جِئتَه مُتَهَلِّلاً ... كأنَّك تُعْطيه الذي أنت سائلُهُ
والثالث: أن يعودَ على الله تعالى، وعلى هذه الأقوالِ الثلاثةِ يكون المصدرُ مضافاً للمفعولِ، وعلى هذا فالظاهِرُ أَنَّ فاعلَ هذا المصدرِ هو ضميرُ/ المُؤتي. وقيل: هو ضمير المؤتَوْن. أي: حُبِّهم له واحتياجِهِم إليه، وليس بذاك.
و «ذي القربى» على هذه الأقوالِ الثلاثةِ منصوبٌ بآتى فقط، لا بالمصدرِ لأنه قد استوفى مفعولَه. الرابع: أن يعودَ على «مَنْ آمن» ، وهو المُؤْتِي للمال، فيكون المصدرُ على هذا مضافاً للفاعِلِ، وعلى هذا فمفعولُ هذا المصدرِ يُحْتمل أن يكونَ محذوفاً، أي:«حُبِّه المال» ، وأن يكونَ «ذوي القربى» ، إلا أنه لا يكونُ فيه تلك المبالغَةُ التي فيما قبله.
قال ابن عطية:«ويجيء قولُه:» على حُبِّه «اعتراضاً بليغاً في أثناء القولِ» . قال الشيخ:«فإن أراد بالاعتراضِ المصطلحَ عليه فليس بجيد، فإن ذلك من خصوصياتِ الجملة التي لا مَحَلَّ لها، وهذا مفردٌ وله محلٌّ، وإن أراد به الفصلَ بالحال بين المفعولين، وهما» المال «و» ذوي «فَيَصِحُّ إلا أنه فيه إلباسٌ» .
قوله:{ذَوِي} فيه وجهان، أحدُهما - وهو الظاهر - أنه مفعولُ بآتى، وهل هو الأولُ و «المالَ» هو الثاني - كما هو قول الجمهور - وقُدِّم للاهتمام، أو هو الثاني فلا تقديمَ ولا تأخير كما هو قول السهيلي؟ والثاني: أنه منصوبٌ ب «حُبِّه» على أنَّ الضميرَ يعودُ على «مَنْ آمن» كما تقدَّم.