والثالث: أنه الجارُّ والمجرورُ، وهذا يتَّجِهُ على رَأي الأخفشِ والكوفيين. و «عليكم» في محلِّ رفعٍ على هذا القولِ، وفي محلِّ نصبٍ على القولين الأوَّلين.
قوله:{إِذَا حَضَرَ} العاملُ في «إذا»«كُتِب» على أنها ظرفٌ محضٌ، وليس متضمناً للشرطِ، كأنه قيل: كُتِب عليكم الوصيةُ وَقْتَ حضورِ الموتِ، ولا يجوزُ أن يكونَ العاملُ فيه لفظَ «الوصية» لأنها مصدرٌ، ومعمولُ المصدرِ لا يتقدَّم عليه لانحلاله لموصولٍ وصلةٍ إلا على مذهبِ مَنْ يَرى التوسُّع في الظرفِ وعديلِه، وهو أبو الحسن، فإنه لا يَمْنَعُ ذلك، فيكون التقديرُ: كُتِب عليهم أَنْ تُوصوا وَقْتَ حضورِ الموت.
وقال ابن عطية:«ويتَّجِه في إعرابِ هذه الآية أن يكونَ» كُتِب «هو العامل في» إذا «، والمعنى: توجَّه عليكم إيجابُ الله ومقتضى كتابه إذا حضر، فعبَّر عن توجُّهِ الإِيجابِ بكُتب، لينتظم إلى هذا المعنى أنه مكتوبٌ في الأزل، و» الوصيةُ «مفعولٌ لم يُسَمَّ فاعلُه بكُتِب. وجوابُ الشرطَيْنِ» إنْ «و» إذا «مقدرٌ يَدُلُّ عليه ما تقدَّم من قوله كُتِب» . قال الشيخ:«وفي هذا تناقضٌ لأنه جَعَلَ العاملَ في» إذا «كُتِبَ، وذلك يَسْتَلْزم أن يكونَ» إذا «ظرفاً محضاً غيرَ متضمنٍ للشرطِ، وهذا يناقِضُ قوله:» وجوابُ «إذا» و «إنْ» محذوفٌ؛ لأنَّ إذا الشرطيةَ لا يَعْمَلُ فيها إلا جوابُها أو فعلُها الشرطِيُّ، و «كُتِب» ليس أحدَهما، فإنْ قيل: قومٌ يجيزون تقديم جوابِ الشرطِ فيكونُ «كُتب» هو الجوابَ، ولكنه تقدَّم، وهو عاملٌ في «إذا» فيكونُ ابنُ عُطية يقولُ بهذا القولِ. فالجوابُ: أنَّ ذلك لا يجوزُ، لأنه صَرَّح بأنَّ جوابَها محذوف مدلولٌ عليه بكُتب، ولم يَجْعَل كُتِبَ هو الجوابَ «.