للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه مشتقٌّ عنده مِنْ قَرَنْتُ بين الشيئين، فيكونُ وزنُهُ على هذا: فُعالاً، وعلى الأول. فُعْلاناً، وذلك أنه قد قُرِنَ فيه بين السورِ والآياتِ والحِكَمْ والمواعِظِ.

وأما قولُ مَنْ قال إنَّه مشتقٌّ مِنْ قَرَيْتُ الماءَ في الحَوْضِ أي جَمَعْتُه فغلطٌ، لأنَّهما مادتان متغايرتان. و «القرآنُ» مفعولٌ لم يُسَمَّ فاعله، ومعنى {أُنْزِلَ فِيهِ القرآن} : أنَّ القرآن نَزَلَ فيه فهو ظرفٌ لإِنزالِه: قيل في الرابع والعشرين منه، وقيل: أُنْزِلَ في شأنِه وفضلِه، كقولك «أُنِزِلَ في فلانٍ قرآنٌ» .

قوله: {هُدًى} في محلِّ نصبٍ على الحالِ من القرآن، والعاملُ فيه «أُنْزِلَ» وهُدَىً ومصدرٌ، فإمَّا أَنْ يكونَ على حَذْفِ مضافٍ أي: ذا هدى أو على وقوعِه موقعَ اسمِ الفاعلِ أي: هادياً، أو على جَعْلِه نفسَ الهُدى مبالغةً.

قوله: {لِّلنَّاسِ} يجوزُ فيه وجهان، أحدُهما: أَنْ يتعلَّقَ ب «هُدَىً» على قولِنا بأنه وَقَعَ مَوْقِعَ «هادٍ» ، أي: هادياً للناس. والثاني: أَنْ يتعلَّق بمحذوفٍ لأنه صفةٌ للنكرةِ قبلَه، ويكونُ محلُّه النصبَ على الصفةِ، ولا يجوزُ أَنْ يكون «هُدَىً» خبر مبتدأ محذوفٍ تقديرُه: «هو هدى» لأنه عُطِفَ عليه منصوبٌ صريحٌ وهو: «بَيِّنات» ، و «بَيِّنات» عطفٌ على الحالِ فهي حالٌ أيضاً، وكِلا الحالَيْنِ لازمةٌ، فإنَّ القرآن لا يكون إلا هُدىً وبيناتٍ، وهذا من باب عطف الخاص على العامَّ، لأنَّ الهدى يكونُ بالأشياء الخفيَّة والجليَّةِ، والبَيِّنات من الأشياء الجَلِيَّة.

قوله: {مِّنَ الهدى والفرقان} هذا الجارُّ والمجرورُ صفةٌُ لقوله: «هدىً وبَيِّناتٍ» فمحلُّه النصبُ، ويتعلَّق بمحذوفٍ، أي: إنَّ كَوْنَ القرآنِ هدىً وبّيِّناتٍ «هو من جملةِ هُدَى الله وبَيِّناتِه؛ وعَبَّر عن البيناتِ بالفرقان ولم يأتِ» من الهُدى والبينات «فيطابقْ العجزُ الصدر لأنَّه فيه مزيدٌ معنىً لازم للبينات

<<  <  ج: ص:  >  >>