أظهرُهما: أنه مِنْ أَنْفَق، وعلى هذا فلا بُدَّ مِنْ حذفِ معطوفٍ يتمُّ به الكلامُ، فقدَّره الزمخشري:«لا يَسْتوي منكم مَنْ أنفقَ قبلَ فتحِ مكةَ وقوةِ الإِسلام ومَنْ أنفق مِنْ بعدِ الفتح، فَحَذَفَ لوضوحِ الدلالة» وقَدَّره أبو البقاء «ومَنْ لم يُنْفِق» قال: «ودلَّ على المحذوفِ قولُه: {مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفتح} والأول أحسنُ لأنَّ السِّيَاقَ إنما جيء بالآية ليُفرِّق بين المُنْفِقين في زمانَيْنِ. والثاني: أنَّ فاعلَه ضميرٌ يعود على الإِنفاقِ، أي: لا يَسْتوي جنسُ الإِنفاقِ إذ منه ما وَقَعَ قبل الفتح، ومنه ما وَقَعَ بعدَه، فهذان النوعان متفاوتان. وعلى هذا فتكون» مَنْ «مبتدأ و» أولئك «مبتدأٌ ثانٍ و» أَعظَمُ «خبرُه، والجملةُ خبرُ» مَنْ «وهذا ينبغي أن لا يجوزَ البتةَ، وكأنَّ هذا المُعْرِبَ غَفَل عن قولِه:» منكم «ولو أعربَ هذا القائلُ» منكم «خبراً مقدماً، و» مَنْ «مبتدأ مؤخراً. والتقدير: مِنْكم مَنْ أنفق من قبلِ الفتحِ، ومنكم مَنْ لم يُنْفِقْ قبلَه ولم يقاتِلْ، وحُذِف هذا لدلالةِ الكلامِ عليه لكان سديداً، ولكنه سها عن لفظةِ» منكم «.
قوله:{وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى} قراءةُ العامَّةِ بالنصبِ على أنه مفعولُ مقدمٌ، وهي مرسومةٌ في مصاحفِهم» وكلاً «بألفٍ، وابنُ عامر برفعِه، وفيه وجهان، أظهرُهما: أنه ارتفعَ على الابتداءِ، والجملة بعدَه خبرٌ، والعائدُ محذوفٌ، أي: وعده اللهُ. ومثلُه: