بلاغاً «كأنه قيل: لا أَمْلِكُ لكم إلاَّ التبليغَ والرسالاتِ، ولم يَقُلِ الزمخشريُّ غيرَه. والثاني: أنها مجرورةٌ نَسَقاً على الجلالةِ أي: إلاَّ بلاغاً/ عن اللَّهِ وعن رسالاتِه، كذا قَدَّره الشيخُ.
وجَعَلَه هو الظاهرَ. وتجوَّز في جَعْلِه «مِنْ» بمعنى عن، والتجوُّزُ في الحروفِ رأيٌ كوفيٌّ، ومع ذلك فغيرُ منقاسٍ عندَهم.
قوله:{فَإِنَّ لَهُ نَارَ} العامَّة على كسرِها، جَعَلوها جملةً مستقلة بعد فاءِ الجزاءِ. وقرأ طلحةُ بفَتْحِها، على أنَّها مع ما في حَيِّزِها في تأويلِ مصدرٍ واقعٍ خبراً لمبتدأ مضمرٍ تقديرُه: فجزاؤهُ أنَّ له نارَ جهنمَ، أو فحُكْمُه: أنَّ له نارَ جهنَم. قال ابن خالويه:«سَمِعْتُ ابنَ مجاهدٍ يقول: لم يَقْرَأْ به أحدٌ، وهو لحنٌ؛ لأنه بعد فاءِ الشرط» . قال:«وسمعتُ ابنَ الأنباريِّ يقول: هو صوابٌ ومعناه، فجزاؤُه أنَّ له نارَ جهنم» . قلت: ابنُ مجاهدٍ وإنْ كان إماماً في القراءاتِ، إلاَّ أنَّه خَفِيَ عليه وجهُها، وهو عجيبٌ جداً. كيف غَفَلَ عن قراءتَيْ {فَأنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} في الأنعام [الآية: ٥٤] ، لا جرم أنَّ ابنَ الأنباريِّ اسْتَصْوَبَ القراءةَ لِطُولِ باعِه في العربية.
قوله:{خَالِدِينَ} حالٌ من الهاء في «له» ، والعاملُ الاستقرارُ الذي تَعَلَّقَ به هذا الجارُّ، وحَمَلَ على معنى «مَنْ» فلذلك جَمَعَ.