للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"لا يزال العبد يسأل. وهو غني حتى يخلق وجهه فما يكون له عند الله وجه" (١)

وقد بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- جماعة من أصحابه عَلَى أن لا يسألوا الناس شيئًا (٢)، منهم: أبو بكر الصديق، وأبو ذر، وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطه أو خطام ناقته فلا يسأل أحدًا أن يناوله.

واعلم أن سؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين عقلا وشرعًا وذلك من وجوه متعددة منها: أن السؤال فيه بذل لماء الوجه وذلة للسائل، وذلك لا يصلح إلا لله وحده، فلا يصلح الذل إلا له بالعبادة والمسألة، وذلك من علامات المحبة الصادقة.

سئل يوسف بن الحسين ما بال المحبين يتلذذون بذلهم في المحبة؟

فأنشد:

ذل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف

وهذا الذل وهذه المحبة لا تصلح إلا لله وحده وهذا هو حقيقة العبادة التي يختص بها الإله الحق.

كان الإمام أحمد رحمه الله يقول في دعائه: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك (فصنه) (*) عن المسألة لغيرك.

وقال أبو الخير الأقطع: كنت بمكة سنة فأصابتني فاقة وضر، فكنت كلما


(١) أخرجه البزار (٩١٩) والطبراني (٢٠/ ص ٣٣٣ برقم ٧٩٠) من حديث مسعود بن عمرو، وذكره الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٩٦) وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير، وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام. وأورد هذا الحديث ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٨/ ٢٨٢) وقال: وهذا الحديث منكر.
وله شاهد من حديث عمر أخرجه أبو نعيم في الحلية (٣/ ١٦٤) قال أبو نعيم: ثابت من حديث حمزة، غريب من حديث صفوان، تفرد به عنه عبد الله بن أبي جعفر وإبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي.
(٢) أخرجه مسلم (١٠٤٣) من حديث عوف بن مالك.
(*) كتب في هامش الأصل: فصن وجهي. وكتب فوقه: دعاء لطيف.