للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصورة الثانية]

أن يشهد برؤية هلال ذي الحجة من يثبت الشهر به، لكن لم يقبله الحاكم إما لعذر ظاهر، أو لتقصير في أمره. ففي هذه الصورة. هل يقال: يجب عَلَى الشهود العمل بمقتضى رؤيتهم، وعلي من يخبرونه ممن يثق بقولهم أم لا؟ فقد يقال: إِنَّ هذه المسألة تخرج عَلَى الخلاف المشهور في مسألة المنفرد برؤية هلال شوال، هل يفطر عملاً برؤيته أم لا يفطر إلا مع الناس؟

[وفي ذلك قولان مشهوران للعلماء:]

أحدهما: لا يفطر. وهو قول عطاء، والثوري، والليث، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق. وروي مثله عن عمر بن الخطاب.

والثاني: يفطر. وهو قول الحسن بن صالح، والشافعي، وطائفة من أصحابنا. وروي عن مالك كلا القولين.

قالت طائفة من أصحابنا: هذه المسألة تبنى عَلَى هذا الأصل، وهو الصحيح من المذهب، فعلى قول من يقول: لا يفطر المنفرد برؤية هلال شوال، بل يصوم ولا يفطر إلا مع الناس. فإنه يقول: يستحب صيام يوم عرفة للشاهد الَّذِي لم تقبل شهادته بهلال ذي الحجة؛ لأنّ هذا هو يوم عرفة في حق الناس، وهو منهم. ومن قال في الشاهد بهلال شوال يفطر سرًّا. قال ها هنا: إنه يفطر ولا يصوم؛ لأنّه يوم عيد في حقه. قال: وليس له التضحية قبل الناس في هذا اليوم، كما أنه لا ينفرد بالوقوف بعرفة دون الناس بهذه الرؤية؛ لأنّ الذين أمَرُوا بالفطر في آخر رمضان إِنَّمَا أمَرُوا به سرًّا ولم يجيزوا له إظهاره، والانفراد بالذبح والوقوف فيه من مخالفة الجماعة ما في إظهار الفطر. وهذا ما ذكره الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله تعالى- مع أنه قد روي عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه انفرد