وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال شيخنا، الشيخ الإمام العالم العلامة، شيخ الإسلام، أوحد الأعلام، بركة الأنام؛ حافظ مصر والشام، أبو الفرج عبد الرحمن زين الدين ابن رجب البغدادي الحنبلي، فسح الله في مدته:
الحمد لله العزيز المجيد، ذي البطش الشديد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، المنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإِنذار بها والوعيد، المكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها من كل خير مزيد، فسبحان من قسم خلقه قسمين وجعلهم فريقين {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}[هود: ١٠٥]{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦].
أحمده وهو أهل الحمد والثناء والتمجيد، وأشكره، ونعمه بالشكر تدوم وتزيد.
وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، ولا كفو ولا عدل ولا ضد ولا نديد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إِلَى التوحيد، الساعي بالنصح إِلَى القريب والبعيد، المحذر للعاصين من نار تلظى بدوام الوقيد، المبشر للمؤمنين بدار لا ينفذ نعيمها ولا يبيد.
صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة لا تزال على كر الجديدين في تجديد، وسلم تسليمًا.
أما بعد، فإن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلة الدالة عَلَى عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال، ولهذا (أكثر)(*) سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النار وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال، وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، إِلَى غير ذلك مما فيها من العظائم والأهوال، ودعا عباده بذلك إِلَى خشيته