قال علي الشبل في كتابه منهج ابن رجب في العقيدة ص ٧٩:
في البدء لابد من العطف على معنى التصوف، إذ هو في الأصل من مفردات الزهد والورع، ولهذا تنوعت عبارات العلماء فيه، ثم ما طرأ في أصله وهو الزهد من المحدثات والبدع، بل والزندقة أضفى على التصوف معنى شرعيًا خاصًا يعكس ذم العلماء له وتحذيرهم منه، ومن أهله.
وإذا نظرنا إلى ابن رجب الحنبلي رحمه الله وعرضنا على حاله مصطلح التصوف، نجده يتناقض معه قولاً وفعلاً وحالاً.
وقد وصف بعض الناس الحافظ ابن رجب بالمتصوف، حتى إنه عرف به في بعض الجهات. وسبب هذا الوصف ما أشرت إليه آنفًا من العلاقة المتصورة بين التصوف والزهد.
ولكن ها هنا لابد من تقييد تلك الدعوى لأنّ هذا الإطلاق في حق الحافظ ابن رجب وأمثاله فيه شبهة كبيرة.
ولهذا أقول: إن اتهام الحافظ، ووصفه بالتصوف -والحالة هذه- لا يخرج عن أمرين.
أحدهما: أنّه عن جهل وقلة علم في الحافظ، وفي التصوف المذموم؛ لأنّه على أحسن الحالين لدل على الفهم السطحي لكلام الحافظ، ونقوله عن بعض متقدمي الزهاد من معظمي الصوفية كأبي سليمان الداراني وابن أدهم والجنيد وأحزابهم. وهذا هو وجهة الأكثر من واصفي الحافظ بالتصوف.
والثاني: أنّه صدر عن غرض وهوى مودَّاه القدح فيه وفي عقيدته ومنهجه، حيث حاولوا عسف بعض عبارات الحافظ إلى هذا المنحى، وهؤلاء والحمد لله قلة، وغرضهم مكشوف، وأمرهم إلى الله، فهو