للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واعلم أنَّ في الصبر عَلَى ما تكره خيرًا كثيرًا"

وفي رواية عمر مولى غفرة عن ابن عباس زيادة قبل هذا الكلام وهي: "فإن استطعت أن تعمل لله بالرضا في اليقين فافعل، وإن لم نستطع فإن في الصبر عَلَى ما تكره خيرًا كثيرًا" (١).

ومراده باليقين هاهنا تحقيق الإيمان بما سبق ذكره من التقدير السابق كما ورد ذلك صريحًا في رواية ابنه علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه، لكن بإسناد ضعيف، وفي روايته زيادة وهي: قلت: يا رسول الله كيف أصنع باليقين؟ قال: "أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك".

فإذا أنت أحكمت باب اليقين فحصول اليقين للقلب بالقضاء السابق والتقدير الماضي يوجب رضا النفس بالقضاء والقدر وطمأنينتها به، وقد دلّ القرآن عَلَى هذا المعنى بعينه في قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: ٢٣].

قال الضحاك في هذه الآية: عزّاهم {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} لا تأسوا عَلَى شيء من أمر الدُّنْيَا فإنا لم نقدره لكم {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} لا تفرحوا بشيء من أمر الدُّنْيَا أعطيناكموه، فإنَّه لم يكن يزوى عنكم. خرّجه ابن أبي الدُّنْيَا.

وقال سعيد بن جبير في هذه الآية: لكيلا تأسوا عَلَى ما فاتكم من العافية والخصب إذا علمتم أنَّه كان مكتوبًا عليكم قبل أن يخلقكم. خرَّجه ابن أبي حاتم.

ومن هذا المعنى قول بعض السَّلف: الإيمان بالقدر يُذْهِبُ الهم


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣١٤).