للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

قد تقدم بيان دلالة الآية عَلَى أن من خشي الله وأطاعه، وامتثل أوامره، واجتنب نواهيه، فهو عالم؛ لأنّه لا يخشاه إلا عالم.

وعلى نفي الخشية عن غير العُلَمَاء، ونفي العِلْم عن غير أُولي الخشية أيضاً، وأن من لم يخش الله فليس بعالم، وبذلك فسرها السَّلف.

- فعن ابن عباس قال: يريد إِنَّمَا يخافني من خلقي مَن علم جبروتي وعزِّتي وجلالي وسلطاني".

وعن مجاهد والشعبي: "العالِم من خاف الله".

وعن ابن مسعود قال: "كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله جهلاً" (١).

وذكر ابن أبي الدُّنْيَا، عن عطاء الخراساني في هذه الآية قال: "العُلَمَاء بالله الذين يخافونه".

وعن الربيع بن أنس في هذه الآية قال: "من لم يخش الله فليس بعالم، ألا ترى أن داود قال: ذلك بأنك جعلت العِلْم خشيتك والحكمة الإيمان بك، وما عِلم مَن لم يخشك وما حكمة من لم يؤمن بك، وعن الربيع، عن أبي العالية {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} (٢)، قال: "الحكمة" الخشية، فإن خشية الله رأس كل حكمة".

وروى الدارمي من طريق عكرمة، عن ابن عباس: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، قال: "من خشي الله فهو عالمٌ" (٣).

وعن يحيى بن جعدة، عن علي قال: "يا حملة العِلْم اعملوا به، فإنما العالم من عمل بما علم فوافق علمه عمله، وسيكون أقوامٌ يحملون العِلْم،


(١) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (٤٦)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٤/ ٣٤٣) برقم (٣٤٥٣٢)، والطبراني في "الكبير" (٩/ ٨٩٢٧)، والبيهقي في "الشعب" (٧٤٦) وغيرهم.
(٢) البقرة: ٢٦٩.
(٣) في "السنن" برقم (٣٣٣).