للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحمد لله ثمن كل نعمة]

فإن قيل: فقد روى حبيب بن الشهيد عن الحسن أنّه قَالَ: "الحمد لله ثمن كل نعمة، ولا إله إلاّ الله ثمن الجنة".

ورُوي هذا المعنى مرفوعًا من حديث أنس (١) وأبي ذر وغيرهما، وإن كان في (أسانيدها) (*) ضعف.

ويشهد لذلك قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: ١١١]. فجعل الجنة ثمنًا للنفوس والأموال.

فالجواب أنَّ الله سبحانه وتعالى بفضله ورحمته وكرمه، ومنِّه وطَوْله، خاطب عباده بما ندبهم إِلَيْه من طاعته عَلَى حسب ما يتعارفونه بينهم في تصرفاتهم المعهودة المألوفة لهم.

وجعل نفسه مشتريًا منهم ومستقرضًا وجعلهم بائعين له ومقرضين ليكون ذلك أدعى إِلَى (استجابتهم) (**) لدعوته ومبادرتهم إِلَى طاعته، وإلاَّ ففي الحقيقة الكلُّ له (ومِلْكه) ( ... ) ومن فضله وإحسانه ورحمته. فالنفوسُ والأموالُ كلُّها ملكٌ له، كما أمرنا عند المصائب أن نقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦].

ومع هذا فقد مدح من بذل له نفسه وماله وجعله بائعًا له ومقرضًا، كالذي


(١) أورده الديلمي في مسند الفردوس (٢٥٤٨)، ولم أقف عليه عن أبي ذر.
(*) إسنادهما: "نسخة".
(**) استجلابهم: "نسخة".
( ... ) ملك: "نسخة".