للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في رواية إسحاق وقد قِيلَ لَهُ: تكره الخاتم من ذهب أو حديد؟ قال: إي والله والحديد يكره، فسوى بينه وبين الذهب في الكراهة، ثم أفرده بكراهة زائدة.

وظاهر الأحاديث السابقة يدل عَلَى ذلك، والصحيح عدم التحريم، فإن الأحاديث فيه لا تخلوا عن مقال، وقد عارضها ما هو أثبت منها كالحديث الَّذِي في الصحيحين (١) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخاطب المرأة التي عرضت نفسها عليه: "التمس ولو خاتمًا من حديد".

وروى النسائي (٢) من حديث أبي سعيد الخدري أن رجلاً أقبل إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم، فلم يرد عليه، وكان في يده خاتم ذهب وجبة حرير، فألقاهما ثم سلم عليه، فرد عليه السلام وقال: "إنه كان في يدك جمرة من نار". قال: فماذا أتختم؟ قال: حلقة من حديد أو ورق أو صفر.

وقد تقدم حديث معيقيب أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان من حديد يلوى عليه بفضة، ولكن الإمام أحمد احتج به عَلَى الكراهة لأنّه ذكر أنَّه رماه كذلك.

[[حكم خاتم العقيق]]

وأما خاتم العقيق فَقَالَ بعض أصحابنا يستحب مع قولهم أن خاتم الفضة مباح ليس بمستحب، ولعلهم أسندوا إِلَى الأحاديث المروية في الأمر به، والأمر أقل درجاته الاستحباب، وظاهر كلام أكثر الأصحاب خلاف ذلك، وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية مهنا، وقد سأله ما السنة -يعني في التختم-؟

قال: لم تكن خواتيم القوم إلا فضة.

[ونحن نذكر أحاديث التختم بالعقيق ونبين حالها.]

روى حسين بن إبراهيم البابي عن حميد عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: تختموا بالعقيق، واليمين أحق بالزينة" (٣).


(١) أخرجه البخاري (٥١٢٦)، ومسلم (١٤٢٥) بنحوه.
(٢) في "المجتبى" (٨/ ١٧٥)، وفي "الكبرى" (٩٥٣٢). وذكره الهيثمي في المجمع (٥/ ١٥٤) بزيادة في بعض ألفاظه، وقال روى النسائي طرفًا من أوله يسيرًا، ورواه الطبراني في "الأوسط"، وأبو النجيب، وثقه ابن حبان، ثقات.
(٣) أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/ ٦٩٣) وقال: قال ابن عدي هذا حديث باطل، والحسين بن إبراهيم مجهول.=