للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الحادي عشر (١)

في ثناء العُلَمَاء عليه ومدحهم له

فمنهم أبوه أميرُ المؤمنين عمرُ بن عبد العزيز -رضي الله عنه- وقد سبق بعضُ كلامِهِ في ثنائِهِ عليه، وكان عمر بن عبد العزيز شديدَ الحب لابنه عبد الملك والإعجاب به وحديثِهِ، ولكنه كان لشدة خَوْفِهِ وقوةِ وَرَعِهِ يخاف أن لا يكون ابنه في الأمرِ كذلك، وأنه زُيّن له فيه ما يُزَيَّنُ للوالدِ من ولدِهِ، فكان يتوقَّفُ أحيانًا ويسألُ غيره، وقد ذكرنا بعضَ ذلك فيما تقدم.

وروى الدورقيُّ بإسنادٍ له أن عمر قال لابنه عبد الملك يومًا: يا عبد الملك، إني أخبرك خبرًا، لا والله إِن (٢) رأيت فتى ماشيًا قط أنسَكَ منك نسكًا ولا أفقه فقهًا ولا أقرأ منك، ولا أبعدَ من صبوةٍ في صغيرٍ ولا كبيرٍ.

قال: وقال عمر بن عبد العزيز: واللهِ لولا أن يكونَ بي زينةٌ من أمرِ عبد الملك ما يُزيَّنُ في عينِ الوالدِ من ولدِهِ، لرأيتُ أنه أهل للخلافة.

وبإسناد له آخر: إِنَّ عبدَ الملك لما توفي جَعَلَ أبوهُ يثني عليه عند قبرهِ، فَقَالَ له رجل: يا أمير المؤمنين، لو بقي كنت تعهدُ إِلَيْهِ؟ قال: لا. قال: لم وأنت تثني عليه؟ قال: أخافُ أن يكون زُيِّن في عيني منه ما يُزيَّنُ في عين الوالدِ من ولده.

ومنهم ميمون بن مهران من أعيان التابعين، وكان خصيصًا بعمر بن عبد العزيز، وقد تقدم بعض ذكر ثنائِهِ عَلَى عبد الملك.

وروى الإمام أحمد بإسناده عن ميمون بن مهران قال: ما رأيتُ ثلاثة في بيتٍ خيرًا من عمر بن عبد العزيز، وابنهِ عبد الملك، ومولاهم مزاحم.


(١) طمس بالأصل. وترتيب الأبواب يقتضيها.
(٢) إِنَّ هنا: بمعنى ما النافية.
(٣) طمس بالأصل.