للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العِلْم النافع] (*)

فالعلم النافع من هذه العلوم كلها ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها، والتقيد في ذلل بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث، وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام والزهد والرقائق والمعارف وغير ذلك، والاجتهاد عَلَى تمييز صحيحه من سقيمه أولاً، ثم الاجتهاد عَلَى الوقوف عَلَى معانيه وتفهمه ثانيًا، وفي ذلك كفاية لمن عقل، وشغل لمن بالعلم النافع عني واشتغل.

ومن وقف عَلَى هذا وأخلص القصد فيه لوجه الله عز وجل واستعان عليه، أعانه وهداه ووفقه وسدده وفهمه وألهمه، وحينئذ يثمر له هذا اعلم ثمرته الخاصة به وهي خشية الله، كما قال عز وجل {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

قال ابن مسعود وغيره: كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله جهلاً (١). وقال بعض السَّلف: ليس العِلْم بكثرة الرواية ولكن العِلْم الخشية.

وقال بعضهم: من خشي الله فهو عالم ومن عصاه فهو جاهل. وكلامهم في هذا المعنى كثير جدًّا.

وسبب ذلك أن هذا العِلْم النافع يدل عَلَى أمرين:

أحدهما: عَلَى معرفة الله وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة، وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه وخشيته، ومهابته ومحبته


(*) كل عنوان بين معقوفتين ليس في الأصول ووضع لتنبيه القارئ.
(١) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص ١٥)، وأحمد في "الزهد" (ص ١٥٨)، والطبراني في "الكبير" (٩/ ٨٩٢٧).