للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: ٤٧]

هذه الآية ُكانت تشتدُّ عَلَى الخائفين في العارفين، فإنها تقتضي أنَّ من العباد من يبدو له عند لقاء الله ما لم يكن يحتسب، مثل أن يكون غافلاً عما بين يديه معرضًا عنه غير عامل ولا يحتسب له، فإذا كُشف الغطاء عاين تلك الأهوال الفظيعة، فبدا له ما لم يكن في حسابه.

ولهذا قَالَ عمر رضي الله عنه: لو أن لي ملء الأرض ذهبًا لافتديت به من هول المطلع (١).

وفي الحديث: "لا تَمنَّوا الموت فإن هول المطلع شديد، وإنَّ من سعادة (المرء) (*) أن يطول عمره ويرزقه الله الإنابة" (٢).

وقال بعضُ حكماءِ السَّلف: كم من موقف خزي يوم القيامة لم يخطر عَلَى بالك قط.

ونظير هذا قوله تعالي: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢].


(١) أخرجه أبو يعلي (٢٧٣١)، وقال الهيثمي (٩/ ٧٧) رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (٥٧٩) وقال: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عمر إلاَّ مبارك بن فضالة، وقال الهيثمي (٩/ ٧٦): إسناده حسن.
وأخرجه ابن حبان (٦٨٩١ - إحسان)، والحاكم في "مستدركه" (٣/ ٩٨)، وأبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٣٥٥).
(*) العبد: "نسخة".
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣/ ٣٣٢)، وعبد بن حميد (١١٥٥)، والبيهقي في "الشعب" (١٠٥٨٩).
وقال الهيثمي (١٠/ ٢٠٣): رواه أحمد والبزار وإسناده حسن.