للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب التاسع

في ذكر مرضِهِ ووفاتِهِ رضي الله عنه

قال ابن أبي الدُّنْيَا: حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا سعيدُ بنُ عامر قال: قال عمر بن عبد العزيز لعبد الملكِ ابنه: ما شيءٌ كنت أَحَبّ أن أراه فيك إلا قد رأيته، إلا شيئًا واحدًا. قال: ما هو؟ قال: موتُكَ. قال: أراكهُ الله.

وروى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن سليمان بن حبيب المحاربي أن عبد الملك ابن عمر أصابه الطاعون في خلافة أبيه فمات.

وروى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن مشيَخَةٍ من قريش قال: دخل عمر بن عبد العزيز عَلَى ابنه في وَجَعِهِ فَقَالَ: يا بني، كيف تجدُ؟ قال: أجدني في الحق. قال: يا بني، إِن تكن في ميزاني أحبُّ إلي من أن أكون في ميزانك. فَقَالَ ابنه: وأنا يا أبه لئن أكون ما تحبُّ، أحبّ إلي من أن يكون ما أُحِب.

وروى أيضاً بإسناده عن زياد بن حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنهَ عبدَ الملك. قال: فلما سوّى عليه قبرَهُ بالأرض، وجعلوا في قبرهِ خشبتين من زيتون، إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه، ثم جعل قبره بينه وبين القبلة، ثم استوى قائمًا، وأحاطَ به الناسُ. فَقَالَ: رحمك الله يا بني، فلقد كنتَ برًّا بأبيكَ، وما زلتُ منذ وهبك الله لي مسرورًا، ولا والله ما كنتُ أشدَّ سرورًا ولا أرْجي لحظي من الله فيك، منذُ وضعتك في الموضع الَّذِي صيرك الله إِلَيْهِ، فرحمك الله وغفر ذنبَكَ وجَزاك بأحسنِ عملك وتجاوز عن مسيئه، ورحم كلَّ شافع يشفعُ لك بخير من شاهدٍ وغائب، رضينا بقضاء الله وسلَّمنا لأمره، والحمد لله رب العالمين. ثم انصرف -رحمه الله تعالى.


(١) بياض بالأصل.