[الفصل الثالث في ذكر الدعوات المذكورة في هذا الحديث]
وهي:"اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الَّذِي يبلغني حبك".
فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تعلموهن وادرسوهن فإنهن حق".
هذا دعاء عظيم من أجمع الأدعية وأكملها، فقوله:"أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات"، يتضمن طلب كل خير وترك كل شر، فإن الخيرات تجمع كل ما يحبه الله تعالى ويقرب منه من الأعمال والأقوال من الواجبات والمستحبات، والمنكرات تشمل كل ما يكرهه الله تعالى ويباعد منه من الأقوال والأعمال، فمن حصل له هذا المطلوب حصل له خير الدُّنْيَا والآخرة.
وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يستحب مثل هذه الأدعية الجامعة، قالت عائشة: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الجوامع من الدعاء، ويدع ما بين ذلك. خرَّجه أبو داود (١).
وقوله:"وحب المساكين"، هذا قد يُقال أنَّه من جملة فعل الخيرات،
وأفرده بالذكر لشرفه وقوة الاهتمام به، كما أفرد أيضاً ذكر حب الله تعالى وحب من يحبه وحب عمل يبلغه إِلَى حبه، وذلك أصل فعل الخيرات كلها، وقد يقال أنَّه طلب من الله عز وجل أن يرزقه أعمال الطاعات بالجوارح وترك المنكرات بالجوارح، وأن يرزقه ما يوجب له ذلك، وهو حبه وحب من يحبه وحب عمل يبلغه حبه، فهذه المحبة بالقلب موجبة لفعل الخيرات بالجوارح ولترك المنكرات بالجوارح، وسأل الله تعالى أن يرزقه المحبة فيه.