وكان كثير من الخائفين من السَّلف، ينغص عليهم ذكر طعام أهل النار، طعام الدُّنْيَا وشرابها، حتى يمتنعوا من تناوله أحيانًا لذلك.
وكان الإمام أحمد يقول: الخوف يمنعني من أكل الطعام والشراب فلا أشتهيه.
روى شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قَالَ: أتي عبد الرحمن بن عوف بعشائه، وهو صائم، فقرأ: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: ١٢، ١٣] فلم يزل يبكي، حتى رفع طعامه، فما تعشى، وإنه لصائم. خرّجه الجوزجاني.
وروى ابن أبي الدُّنْيَا من طريق يونس، عن الحسن، قَالَ: لقي رجل رجلاً، فَقَالَ له: ما هذا إني أراك قد تغير لونك، ونحل جسمك، فما هو؟
فَقَالَ الآخر: وإني أرى ذلك، فمم هو؟
قَالَ: أصبحت منذ ثلاثة أيام صائمًا، فلما أتيت بإفطاري، عرضت لي هذه الآية: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: ٦ - ، ١٧].
فلم أستطع أن أتعشى، فأصبحت صائمًا، فلما أتيت بعشائي أيضًا، عرضت لي أيضاً، فلم أستطع أن أتعشى، فلي ثلاث منذ أنا صائم، قَالَ: يقول الرجل الآخر: وهي التي عملت بي هذا العمل.
ومن طريق خليد بن حسان الهجري، قَالَ: أمسى الحسن صائمًا فأتي بعشائه، فعرضت له هذه الآية: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا}