للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طاعة الشيطان تقدح في توحيد الرحمن]

ويدل عليه أيضاً أن الله -تعالى- سمَّى طاعة الشيطان في معصية عبادةً للشيطان، كما قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: ٦٠]. وقال حاكيًا عن خليله إبراهيم أنَّه قال لأبيه: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} [مريم: ٤٤].

فمن لم يحقق عبودية الرحمن وطاعته فإنَّه يعبد الشيطان بطاعته له، ولم يخلص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن، وهم الذين قال فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: ٤٢].

فهم الذين (حققوا) (*) قول: "لا إله إلا الله" وأخلصوا في قولها، وصدقوا قولهم بفعلهم، فلم يلتفتوا إِلَى غير الله، محبةً ورجاءً وخشية وطاعة وتوكلا، وهم الذين صدقوا في قول: "لا إله إلا الله" وهم عباد الله حقًّا.

فأما من قال: "لا إله إلا الله" بلسانه ثم أطاع الشيطان، وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعلُهُ قولَهُ، ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦].

فيا هذا كن عبد الله لا عبد الهوى، فإن الهوى يهوي بصاحبه في النار: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: ٣٩] "تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ" والله ما ينجو غدًا من عذاب الله إلا من حقق عبودية الله


(*) حفظوا: "نسخة".