للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل ومنهم من حديث له من خوفه من النار مرض، ومنهم من مات من ذلك]

وكان الحسن يقول في وصف الخائفين: قد براهم الخوف، فهم أمثال الفراخ (*) ينظر إليهم الناظر فيقول. مرضى وما بهم مرض، ويقول: قد خولطوا، وقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم!!.

وسمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رجلاً يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور، فلما بلغ إِلَى قوله تعالى: {إن عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: ٧، ٨] قَالَ عمر: قسم ورب الكعبة حق، ثم رجع إِلَى منزله، فمرض شهرًا يعوده الناس، لا يدرون ما مرضه (١).

وكان جماعة من عباد البصرة مرضوا من الخوف، ولزموا منازلهم، كالعلاء ابن زياد، وعطاء السلمي، وكان عطاء قد صار صاحب فراش عدة سنين. وكانوا يرون أن بدو مرض عمر بن عبد العزيز الَّذِي مات فيه كان من الخوف.

وروى الإمام أحمد (٢) عن حسين بن محمد، عن فضيل بن سليمان، عن محمد بن مطرف، قَالَ: حدثني ثقة، وإن شابًّا من الأنصار، دخل خوف النار قلبه، فجلس في البيت، فأتاه النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقام إِلَيْه فاعتنقه، فشهق شهقة خرجت نفسه، فَقَالَ النبىي - صلى الله عليه وسلم -: "جهزوا صاحبكم فَلَذَ (٣) خوفُ النار كبده".


(*) كتب في حاشية الأصل أنها في نسخة: "القداح".
(١) أخرجه ابن قدامة المقدسي في "الرقة"، وأخرجه ابن أبي الدُّنْيَا في "الرقة والبكاء" (١) بنحوه.
(٢) في "الزهد" صـ ٣٩٧.
(٣) أي قطع.