الحمدُ لله نحمده ونستعينه ونستهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
هذه حادثة حدثت في الفتاوى وهي: أم ولد لرجل غاب عنها من نحو ثمان سنين أو أكثر، ولم يوقف له عَلَى خبر، وكان سفره من الشام إِلَى العراق في قافلة نهبت، وأُخذ أكثر أموال أهلها، وقتل منهم عدد كثير، فهل يجوز أن تتزوج أم ولده والحالة هذه أم لا؟
فالجواب عن هذه المسألة مبني عَلَى أصلين:
أحدهما: تزويج امرأة المفقود، وفيها قولان مشهوران:
أحدهما: أنها تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل، ثم تعتد للوفاة، ثم تتزوج، وهذا مروي عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وسعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن وقتادة والزبير والأوزاعي، ومالك، وابن الماجشون، وأهل المدينة، وأحمد، وإسحاق. وأبي عبيد والشافعي في القديم، وأبي خيثمة، وسليمان بن داود الهاشمي، وعلي بن المديني، وفقهاء الحديث.
والقول الثاني: تنتظر أبدًا حتى يتبين خبره، وروي عن علي رضي الله عنه، وأنكر الإمام أحمد صحته عنه، وهو قول الكوفيين كالنخعي وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبي حنيفة وأصحابه والثوري، إليه ذهب الشافعي في الجديد، وروي {عن}(١) أبي قلابة، وحكي رواية عن أحمد، ومن أصحابه من لم يثبتها عنه؛ فإن المشهور عنه القول الأول، وقد أنكر قول من حكى عن خلافه.