قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: إِنَّ إنسانًا قال: إِنَّ أبا عبد الله ترك قوله في المفقود، فضحك وقال: ومن ترك هذا القول فبأي شيء يقول؟ !
قال: وقال لي أبو عبد الله: ما أعجب من لا يفتي هنا! يذهبون بأقوال الناس ويحبسون المرأة المسيكينة أبدًا لا تتزوج؟ ! قيل: يَقُولُونَ: يطمع. قال: من يطمع بعد هذا الأجل؟ قال: وقال خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتون يَقُولُونَ: تزوج امرأة المفقود. قال: وهو مروي من عمر رضي الله عنه من ثمانية أوجه.
قِيلَ لَهُ فروي عن عمر خلاف هذا؟ قال: لا، إلا أن يكون إنسان يكذب.
وقال أبو داود في "مسائله": سمعت أحمد قِيلَ لَهُ: في نفسك من المفقود شيء، فإن فلانًا وفلانًا لا يفتيان به؟
فَقَالَ: ما في نفسي منه شيء، هذا خمسة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمروها بالتربص، قال أحمد: هذا من ضيق العِلْم.
قال أبو داود: يعني ضيق علم الرجل أن لا يتكلم في المفقود. قال: وسمعته يقول: هذا عندي من ضيق العِلْم أن لا يتكلم في المفقود، وفيمن ليست عنده نفقة -يعني: في الفسخ.
والكلام في أدلة هذه المسأله من الجانيين واستيعاب تفاريع القولين يطول جدًّا، وليس غرضنا الآن تقرير ذلك، لكن القائلون بتزويج امرأة المفقود منهم من يقول: صرنا إِلَى ذلك متابعة لقضاه الخلفاء الراشدين، وإن كان عَلَى خلاف القياس.