في ذكر صلابتِهِ في الدين وقوتِهِ في تنفيذ الحق واجتهادِهِ عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومواعظِهِ لأبيه في ذلك
روينا من حديث خير الجعفي، عن محمد بن أبان قال: جمع عمر بن عبد العزيز قُرآء أهل الشام وفيهم ابن أبي زكريا الخزاعي فَقَالَ: إِن قد جمعتكم لأمر، قد أهَمَّتني هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي، ما ترون فيها؟ قال: ما نرى وِزرها إلا عَلَى من غَصَبها. قال: فَقَالَ لعبد الملك ابنِهِ: ما ترى أي بني؟ قال: ما أرى من قَدَر عَلَى أن يردَّها فلم يردَّها والذي اغتصبها إلا سواء. فَقَالَ: صدقت أي بني. ثم قال: الحمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ لي وزيرًا من أهلي عبد الملك ابني.
وروى الحافظ أبو نعيم بإسنادِهِ إِلَى ميمون بن مهران قال: بعث إليّ عمر بن عبد العزيز وإلى مكحولٍ، وإلى أبي قلابة، فَقَالَ: ما ترون في هذه الأموال التي أُخذت من الناس ظُلمًا؟ فَقَالَ مكحول يومئذ قولاً ضعيفًا، فكرهَهُ فَقَالَ: أرى أن تستأنفَ. فنظر إليّ عمر كالمستغيثِ بي، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، ابعثْ إلي عبد الملك فأحضره؛ فإنه ليس بدون من رأيت. فلما دخل عليه قال: يا عبد الملك، ما ترى في هذه الأموال التي قد أخذتْ من الناس ظلْمًا، وقد حضروا يطلبونها وقد عرفنا مواضعها؟ قال: أرى (أن تردَّها)(١) فإن لم تفعل كنت شريكًا لمن أخذها.
وروى يعقوب بن سفيان بإسناده عن جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز حين تفرق الناس ودخل للقائلة