للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا منادٍ ينادي: الصلاةُ جامعةٌ، ففزعنا فزعًا شديدًا مخافة أن يكون قد جاء فتقٌ من وجهِ من الوجوه أو حَدَث حَدَثٌ. قال جويرية: وإنما كان دعا مُزاحمًا -يعني مولاه- فَقَالَ: يا مزاحم، إِنَّ هؤلاء القوم -يعني بني عمِّه من الخلفاءِ (الذين) (١) كانوا قبلهُ -قد أعطونا عطايا، والله ما كان لهم أن يعطونا إياها، وما كان لنا أن نقبلها، وإن ذلك قد صار إليّ وليس علي فيه دون الله محاسب. قال له مزاحم: يا أمير المؤمنين، هل تدري كم ولدك؟ هم كذا وكذا. فذرفت عيناه، فجعل يستدمع ويقول: أكلُهم إِلَى الله -عز وجل- ثم انطلق مزاحمٌ من ساعتِهِ في وجهه ذلك، حتى استأذن عَلَى عبد الملك بن عمر فأذن له، وقد اضطجع للقائلة. فَقَالَ له عبد الملك: ما جاء بك يا مزاحم هذه الساعة؟ هل حَدَثَ من حَدَثٍ؟ قال: أشَدُّ الحدثِ عليك وعلى بني أبيكَ. قال: وما ذاك؟! قال: دعاني أمير المؤمنين، فذكر له ما قال عمر. فَقَالَ عبد الملك: فما قلت له؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، هل تدري كم؟ هم كذا وكذا، قال: فما قال لك؟ قال: جعل يستدمع، ويقول: أكلهم إِلَى الله عز وجل. فَقَالَ عبد الملك: بئس وزير الدين أنت يا مزاحم! ثم وثب وانطلق إِلَى باب عمر. فاستأذن عليه، فَقَالَ الآذن: إِنَّ أمير المؤمنين قد وضع رأسهُ للقائلة. فَقَالَ: استأذن لي، لا أمَّ لك. قال: فسمع عمر الكلام فَقَالَ: من هذا؟ قال: عبد الملك. قال: ائذن له، فدخل عليه وقد اضطجع للقائلة فَقَالَ: ما حاجتُك يا بني هذه الساعة؟ قال: حديثٌ حدثنيه مزاحم. قال: فأين وقع رأيك من ذلك؟ قال: وقع رأيي عَلَى إنفاذه. قال: فرفع عمر يديه وقال: الحمد لله الَّذِي جعل من ذُرِّيَّتي من يعينني عَلَى ديني، نعم يا بني، أُصلي الظُّهر، ثم أصعد المنبر فأردها علانيةً عَلَى رءوس الناس. قال عبد الملك: ومن لك بالظهرِ يا أميرَ المؤمنين؟ ومن لك إِنَّ بقيت إِلَى الظهر أن تسلم لك نيتك إِلَى الظهر؟ فَقَالَ عمر: قد تفرّق الناسُ ورجعوا للقائلة. فَقَالَ عبد الملك: تأمر مناديك ينادي:


(١) تكررت بالأصل.