للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل ["انكسار قلوبهم بحب ربهم"] (١)]

ومما يستحليه المحبون لله -عز وجل- اختيارهم الذل له عَلَى الشَّرفِ، والخمول عَلَى الشهرة.

قال مخلد بن الحسين: "ما أحبَّ الله عَبْدٌ فأحب أن يعرف الناس مكانه".

وقال أحمد بن أبي الحواري: "من عبد الله عَلَى المحبة لا يحب أن يرى خدمته سوى محبوبه".

وقال ذو النون: "كل مطيع مستأنس، وكل عاص مستوحش، وكل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب".

وكان بشر يقول في دعائه: "اللهم إنك تعلم أن الذل أَحَبّ الي من العز، وأن الفقر أَحَبّ الي من الغنى، وأني لا أوثر عَلَى حبك شيئًا. فسمعه رجل فأخذه البكاء، فَقَالَ: [اللهم] (٢) أنت تعلم أني لو علمت أن هذا ها هنا لم أتكلم".

وسئل يوسف بن الحسين: "ما بال المحبين يتلذذون بالذل في المحبة؟!

فأنشأ يقول:

ذُلُّ الفتى في الحبِّ مكرمةٌ ... وخضوعه لحبيبه شرفُ

وفي هذا المعنى يقول القائل:

مساكين أهل الحبِّ حتى قبورهم ... عليها ترابُ الذلِّ بين المقابر


(١) هذا العنوان ليس في الأصل، وهو من تصرف محقق المطبوع.
(٢) من المطبوع.