للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الأول

في ذكر عبادتِهِ واجتهادِهِ وتهجُّدِهِ وبكائِهِ وإخفائِهِ لذلك

روى الحافظ أبو نعيم {في} (١) كتاب "حلية الأولياء" بإسناده عن بعض مَشيخَةِ أهل الشام قال: كنا نرى أن عمَر بن عبد العزيز إِنَّمَا أدخَلَهُ في العبادةِ ما رأى من ابنِهِ عبد الملكِ -رحمهُ الله.

وروى الإمام أبو عبيد القاسمُ بنُ سلامٍ في كتاب "فضائل القرآن" بإسناده عن عاصم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان وهو ابنُ أخي عمر بن عبد العزيز قال: وفدتُ إِلَى سليمانَ بن عبد الملك، ومعنا عمرُ بن عبد العزيز، فنزلتُ عَلَى ابنِهِ عبد الملك وهو عزب، فكنتُ معه في بيتٍ فصلينا العشاء، وأوى كل رجلٍ منا إِلَى فراشِهِ. ثم قام عبدُ الملك إِلَى المصباح فأطفأه، ثم قامَ يصلّي حتى ذهبَ بي النوم، فاستيقظتُ فإذا هو في هذه الآية: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} (٢). الآية. فيبكي، ثم يرجع إليها، فَإِذَا فَرغَ منها فعل مثل ذلك، حتى قلتُ: سيقتُلُهُ البُكاءُ، فلما رأيت ذلك قلت: لا إله إلا الله والحمد لله كالمستيقظ من النَّوم لأقطعَ ذلك عليه، فلما (٣) سمعني سَكَتَ فلم أسمع له حسًّا -رحمه الله تعالى.

...


(١) طمس بالأصل والسياق يقتضيها.
(٢) الشعراء: ٢٠٥ - ٢٠٧.
(٣) في "الأصل": فلم.