للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب {الثاني} (١)

في ذكر علمِهِ وفقهِهِ وفهمِهِ

روى ابن أبي خيثمة في تاريخه، عن سليمان بن يسار قال: ركبت أنا وعمر بن عبد العزيز ومعنا عبدُ الملك بن عمر بن عبد العزيز بدير مرّان وفيها الوليد بن عبد الملك فَقَالَ عبد الملك بن عمر: أرأيت المرأة تطلق ثم تحيض الثالثة؟ فقلت: قد حلَّت فَقَالَ عبدُ الملك: فأين ما يُذكر عن ابن عباس؟ فَقَالَ: ذرنا منك بحديث عن زيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان.

ومعنى هذه المسألة أن الأقراء الثلاثة التي تعتد بها المطلقة -إذا طلقت في أثناء طهر ثم حاضت حيضتين وطهرت طهرين ثم شرعت في الحيضة الثالثة- أنها تنقضي لمضي الأطهار الثلاثه عليها بذلك. وهو قول زيد بن ثابت وغيره من الصحابة. فعارضه عبد الملك بقول ابن عباس إِنَّ الأقراء هي الحيض فلا {تنقضي} (٢) عدتُها حتى تطهر من الحيضة الثالثة.

وأكثر علماء الحجاز {عَلَى ما أفتى به} (٢) سليمان بن يسار؛ فإن الأقراء هي الأطهار، وهو قول مالكٍ والشافعي. وأكثرُ علماء العراق عَلَى أن الأقراء هي الحيضُ، وهو قولُ أبي حنيفة، والمشهورُ عن الإمام أحمد. واختلفوا في انقضاء عدَّتها بانقطاع الدمِ من الحيضة الثالثة، أم لا تنقضي عدَّتُها حتى تغْتَسلَ، عَلَى قولين مشهورين لهم.

روى الدَّوْرَقي في كتاب "مناقب عمر بن عبد العزيز" بإسناده عن حفص ابن عمر: أن عمر بن عبد العزيز جمع الناس واستشارهم في رد مظالم الحجاج.

فكان كلما استشارَ رجلاً قال له: يا أميرَ المؤمنين، ذاكَ أمرٌ كانَ في غير سلطانِكَ ولا ولايتكَ. فكان كلما قال له رجل ذلك أقامه، حتى خلص بابنه


(١) ليست بالأصل وترتيب الأبواب يشير إليها.
(٢) طمس بالأصل والمثبت أنسب للسياق.