للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الملك، فَقَالَ له ابنه عبد الملك: يا أبَهْ، ما من رجل استطاعَ أن يردَّ مظالمَ الحجاج، إِن لم يردها أن يشركه فيها. فَقَالَ عمر: لولا أنك ابني، لقلت إنك أفقهُ الناس. وهذا الَّذِي قاله عبدُ الملك، ومدحه عليه أبوه، هو الصواب فإن الإمام إذا قدر عَلَى رد مظالمِ من قَبْلَهُ من الولاة وجب عليه هو ذلك بحسب الاستطاعة.

وعلماء السَّلف كانوا يقسمون العُلَمَاء ثلاثةَ أقسامٍ:

قسم يعرفون الله ويخشونه ويحبونه ويتوكلون عليه، وهم العُلَمَاء بالله.

وقسمٌ يعرفون أمرَ اللهِ ونهيه وحلاله وحرَامهُ، وهم العُلَمَاءُ بأمرِ الله.

وقسمٌ يجمعون بين الأمرين، وهم أشرفُ العُلَمَاء، حيث جَمعوا بين العِلْمِ باللهِ والعلم بامر الله.

وكان عمر بن عبد العزيز وابنُهُ عبدُ الملك من هذا القسم. وكذلك أكثرُ السَّلفِ -رضي الله عنهم- يجمعون بين العِلْمِ بالله الَّذِي يقتضي خشيتهُ ومحبتهُ والتبتُّلَ إِلَيْهِ، وبين العِلْم باللهِ الَّذِي يقتضي معرفة الحلالِ والحرامِ والفتاوى والأحكام. ومنهم من كان متوسعًا في كلا العلمين كالحسن البصري، وسفيان، وأحمد بن حنبل. ومنهم من كان نصيبهُ من أحدهما أوفرَ من نصيبه من الآخر.

وأما المتأخرون فقلَّ فيهم من جمع بين العلمين الَّذِي كان عليه علماءُ المسلمين، وسلك كلا الطريقين. والله الموفق للخير والمعينُ عليه بمنِّهِ وكرمِهِ.

***