للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المزمل: ١٢، ١٣] فقلصت يده، وقال: ارفعوه، فأصبح صائمًا، فلما أمسى، أتي بإفطاره، عرضت له، فَقَالَ ارفعوه فقلنا: يا أبا سعيد، تهلك وتضعف!! فأصبح اليوم الثالث صائمًا، فذهب ابنه إِلَى يحيى البكاء وثابت البناني ويزيد الضبي، فَقَالَ: أدركوا أبي، فإنَّه هالك، فلم يزالوا به، حتى سقوه شربة ماء من سويق.

ومن طريق صالح المري قَالَ: كاد عطاء السلمي، قد أضر بنفسه حتى ضعف، فقلت له: إنك قد أضررت بنفسك، وأنا متكلف لك شيئًا، فلا ترد كرامتي، قَالَ: أفعل، قَالَ: فاشتريت سويقًا، من أجود ما وجدت، وسمنًا، قَالَ: فجعلت له شريبة، فلتتها وحليتها، وأرسلت بها مع ابني وكوزًا من ماء، وقلت له: لا تبرح حتى يشربها، فرجع، فَقَالَ: قد شربها، فلما كان من الغد، جعلت له نحوها، ثم سرحت بها مع ابني، فرجع بها لم يشربها، قَالَ: فأتيته فلمته، فقلت: سبحان الله! أرددت علي كرامتي؟! إن هذا مما يعينك ويقويك عَلَى الصلاة، وعلى ذكر الله تعالى، قَالَ: فلما رآني قد وجدت (١) من ذلك، قَالَ: يا أبا بشر، لا يسؤك الله قد شربتها أول ما بعثت بها، فلما كان الغد راودت نفسي عَلَى أن أسيغها، فما قدرت عَلَى ذلك، إذا أردت أن أشربه أذكر هذه الآية: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: ١٧] فبكى صالح عند هذا، وقال قلت لنفسي؟ ألا أراني في واد وأنت في آخر.

وروى الإمام أحمد بإسناده، عن صالح المري، عن عطاء السلمي، قَالَ: كنت إذا ذكرت جهنم، ما يسيغني طعام ولا شراب.

وروى عبد الله بن الإمام أحمد، من طريق مرجى بن وداع، قَالَ: انطلقت مع صالح المري، فدخلنا عَلَى عطاء السلمي، فقلنا له: يا عطاء، تركت الطعام والشراب؟!

قَالَ: إني إذا ذكرت صديد أهل النار لم أسغه.


(١) وجدت: غضبت.