للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحزن، وقد أشار النبي صلّى الله عليه وسلم إِلَى ذلك بقوله في الحديث الصحيح عنه: "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، فَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ [كَانَ] (*) كَذَا [وَكَذَا] (*) وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ" (١). فأشار في هذا الحديث إِلَى أن تذكير النفس بالقدر السابق عند المصائب يذهب وساوس الشيطان الموجبة للهم والحزن والندم عَلَى تعاطي الأسباب الدافعة لوقوعها.

وقال أنس: خدمت النبي صلّى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي لشيء فعلته لم فعلت كذا وكذا؟ ولا شيء لم أفعله: ألا فعلت كذا (٢). وقال: وكان إذا لامني بعض أهله، قال: "دعوه فلو قُدِّرَ شيء كان" خرّجه الإمام أحمد (٣) بهذه الزيادة.

وخرَّج ابن أبي الدُّنْيَا بإسناد فيه نظر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان أكثر كلام النبي صلّى الله عليه وسلم في بيته إذا خلا: "ما قضى من أمر يكن" وخرَّج أيضاً حديثًا مرسلاً أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لابن مسعود: "لا تكثر همك ما يُقدَّر يكن، وما ترزق يأتيك" وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا حول ولا قوة إلا بالله، دواء من تسعة وتسعين داء، أيسرها: الهم" خرّجه الطبراني (٤) والحاكم (٥).


(*) ما بين المعقوفتين من صحيح مسلم.
(١) أخرجه مسلم (٢٦٦٤).
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٣٨)، ومسلم (٢٣٠٩).
(٣) (٣/ ٢٣١).
(٤) في "الأوسط" (٥٠٢٨) وقال: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن عجلان إلا بشر ابن رافع، تفرد به عبد الرزاق.
وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٩٨): رواه الطبراني في الأوس، وفيه بشر بن رافع الحارثي وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح، إلا أن النسخة من الطبراني الأوسط سقط منها عجلان والد محمد الَّذِي بينه وبين أبي هريرة والله أعلم.
(٥) (١/ ٥٤٢) وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وبشر بن رافع الحارثي ليس بالمتروك وإن لم يخرجاه، وكذلك الهيثم البكاء لم يخرجاه وله حديث يتفرد به وهذا موضعه فإنَّه من عباد المسلمين. وتعقبه الذهبي في "التلخيص" وقال: بشر واه.