للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالوقوف بعرفة وحده دون الناس. ذكره الإمام أحمد وخرّجه عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن (عمر) (*) بن محمد قال: شهد نفر أنهم رأوا هلال ذي الحجة، فذهب بهم سالم إِلَى والي الحج وهو ابن هشام، فأبى أن يجيز شهادتهم، فوقف سالم بعرفة لوقت شهادتهم، فلما كان اليوم الثاني وقف مع الناس. لكن الذبح ليس هو مثل الوقوف؛ لأنّه لا ضرورة في تقديمه لامتداد وقته بخلاف الوقوف. وقد يقال: إِنَّ صيام هذا اليوم في حق الشاهد، أو من أخبره به ينبني عَلَى اختلاف المأخذ في الأمر لمن انفرد برؤية هلال الفطر بالصيام مع الناس.

وفي ذلك مآخذ:

أحدها: الخوف من التهمة بالفطر.

والثاني: خوف الاختلاف وتشتت الكلمة، وأن يجعل لكل إنسان مرتبة الحاكم، وقواعد الشرع تأبى ذلك، وهو الَّذِي ذكره الشيخ مجد الدين ابن تيمية وغيره.

والثالث: أنه لم يكمل نصاب الشهادة برؤيته وحده. وهذا مأخذ الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي من أصحابنا.

والرابع: ما ذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله- أن الشهر: هو ما اشتهر وظهر، والهلال: ما استهل به وأعلن دون ما كان في السماء من غير رؤية ولا اشتهار، فإن اسم الشهر والهلال لا يصدق بدون اشتهار رؤيته، وترتيب الفطر والنسك عليه. فما لم يكن كذلك فليس بهلال ولا شهر، فأما عَلَى المأخذ الأول فلا يظهر الأمر للشاهد (هنا بالصوم) (**)؛ لأنّ الفطر يوم عرفة لا يخشى منه تهمة كما في رمضان.


(*) عمرو: "نسخة".
(**) بالصيام: "نسخة".