للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيتوجه الأمر بصيام هذا اليوم مع الناس؛ لأن فطره يؤدي إِلَى أن يفطر أكثر الناس يوم عرفة مع اعتيادهم لصيامه في سائر الأعوام. وهذا فيه تفريق الكلمة، وافتئات عَلَى الإمام.

وأما عَلَى المأخذ الثالث: فيقال: إِن كان هناك شاهدان فصاعدًا، فقد كمل نصاب الشهادة، فيعملان هما ومن يثق بقولهما بشهادتهما. وكذا قال الشيخ موفق الدين -رحمه الله تعالى- في الشاهدين بهلال الفطر إذا رُدَّت شهادتهما أنهما يفطران هما ومن يثق بقولهما. وخالفه في ذلك الشيخ مجد الدين.

وقال: وقياس المذهب خلاف ذلك بناء عَلَى المأخذ الأول والثاني.

وأما عَلَى المأخذ الرابع: فيتوجه ما ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله، وهو ظاهر المروي عن عائشة رضي الله عنها وغيرها من السَّلف. وعليه تدل الأحاديث السابقة أن الأضحى يوم يضحي الناس، والفطر يوم يفطرون، وعرفة يوم يعرفون.

والمنقول عن الصحابة كابن عمر، وعن كثير من التابعين كالشعبي، والنخعي، والحسن، وابن سيرين وغيرهم: يقتضي أن لا ينفرد عن الجماعة بصيام ولا فطر.

وأحمد يرى أنه لا ينفرد عن الجماعة بالفطر كمن رأى هلال شوال وحده.

وأما الانفراد عن الجماعة بالصيام ففيه عنه روايتان، مثل صيام يوم الغيم إذا لم يصمه الإمام والجماعة معه، ومثل صيام من رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته، فإنّ في وجوب صيامه عَلَى الرأي عن أحمد روايتين. والمنصوص عنه في رواية حنبل أنه لا يصوم، وهو قول طائفة من السَّلف. كعطاء، والحسن، وابن سيرين، ومذهب إسحاق. وعلى هذا فقياس مذهبه أنه لا ينفرد عن الجماعة بالفطر في يوم عرفة إذا صامه الإمام والناس ورآه من لم يؤخذ بقوله. فإن في الأمر بفطره وتحريم صيامه مفسدة المخالفة للإمام وجماعة المسلمين.