للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج ابن ماجه (١) من حديث زر بن حبيش قال: "أتيت صفوان بن عسال، فقال: مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: أَطْلُبُ العِلْمَ. قال: فَإِنِّي سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَّا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًى بِمَا يَصْنَعُ».

وخرجه الترمذي (٢) وغيره موقوفًا على صفوان.

وقد اختلف الناس في تأويل وضع الملائكة أجنحتها:

فمنهم من حمله على ظاهره، وأن المراد فرش الأجنحة وبسطها لطلاب العلم لتحملهم عليها إلى مقاصدهم من الأرض التي يطلبون فيها العلم؛ إعانة لهم على الطلب وتيسيره عليهم.

وقد سمع هذا الحديث بعض الملحدين، فقال لطلبة العلم:

"ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها. يستهزئون بذلك، فما زال من موضعه حتى جفت رجلاه وسقط".

وروي عن آخر قال:

لأكسرن أجنحة الملائكة. فصنع له نعلاً طرقها بمسامير كثيرة، فمشى بها إلى مجلس العلم فجفت رجلاه ووقعت فيهما الأكلة" (٣).

ومنهم من فسر وضع الملائكة أجنحتها بالتواضع لهم، والخضوع لطلاب العلم كما في قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٤).

وفي هذا نظر؛ لأنّ للملائكة أجنحة حقيقة بخلاف البشر.


(١) برقم (٢٢٦، ٤٠٧٠).
(٢) برقم (٣٥٣٦) عن صفوان بن عسال قال: بلغني أن الملائكة ... الحديث. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٣) الأكلة: داء يقع في العضو، فيأتكل منه "اللسان" مادة: (أكل).
(٤) الشعراء: ٢١٥.