للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر نسبي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا قال هذا بالمدينة، وقد سمي النبي صلّى الله عليه وسلم وأهل نجد والعراق أهل المشرق، فلذلك كانوا يسمون أهل الشام أهل المغرب؛ لأن الشام تتغرّب عن المدينة، كما أن نجدًا تتشرّق عنها.

وكانوا يسمون البصرة هِندًا، لأنها من جهة الهند، ومنها يُسلك إِلَى الهند، ولهذا قال خالد لما عزله عمر عن الشام: إن عمر أمرني أن [آتي] (١) الهند.

قال الرواي: وكانت الهند عندنا البصرة.

وفسرت طائفة أخرى الغرب المذكور في هذا الحديث بالدلو العظيم، وقالوا: المراد بهم العرب (٢)؛ لأنهم يستقون [بالغرب] (٣) وهذا قول علي بن المديني وغيره.

وقد وردت الأحاديث أن [العرب تهلك] (٤) في آخر الزمان، فلا يبقى منهم بقية إلا بالشام، فيرجع الأمر إِلَى تفسير الحديث بأهل الشام، كما روى يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إدريس بن يزيد وداود بن يزيد [الأوديان] (٥)، حدثنا والدنا عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أول الناس هلاكًا فارس ثم [العرب] (٦) من قربها، ثم أشار بيده قبل الشام: إلا بقية ها هنا" (٧).

ورواه سعيد بن بشير عن داود (الأزدي) (٨) عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أول الناس هلكة فارس، ثم الغرب، إلا بقايا ها هنا - يعني:


(١) في الأصل: "اياتي" ولعل ما ذكرته هو الصواب.
(٢) كتب في الحاشية: لعله المغرب.
(٣) في الأصل: "المغرب" والصواب ما أثبته. والغَرْب: الدَّلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور. النهاية مادة "غرب" (٣/ ٣٤٩).
(٤) في الأصل: "الغرب يهلك"، والسياق يقتضي ما أثبته.
(٥) في الأصل "الأزديان"، والتصويب من تاريخ دمشق (١/ ٢٩٧) وانظر الأنساب لابن السمعاني (١/ ٢٢٧) فقد نسب إدريس بن يزيد بالأودي.
(٦) في الأصل "الغرب" والتصويب من تاريخ دمشق (١/ ٢٩٦).
(٧) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١/ ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٨) في الأصل "الأزدي" والتصويب من تاريخ دمشق (١/ ٢٩٦).