للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى مؤتة، ثم بعث جيش أسامة فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجهم ثم ابتدأ أبو بكر الصديق بفتوح الشام، واستكمل في زمن عمر -رضي الله عنه.

وذكر ابن عائذ (١) قال: قال الوليد بن مسلم: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود القرشي عن عروة، أنَّه كان في كتاب أبي بكر إِلَى خالد بن الوليد أن أعجل إِلَى إخوانكم بالشام، فوالله لقرية من قرى الأرض المقدسة يفتحها الله علينا أَحَبّ إِلَيّ من رستاق من رساتيق العراق.

وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلم أنَّه "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى".

ففي الصحيحين (٢) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى".

وهذه النار خرجت من وادي بقرب مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أربع وخمسين وستمائة، واشتهر أمرها وشوهد من ضوئها بالليل عناق الإبل ببصرى، واستفاض وبعد ذلك بقليل ثم خراب العراق بواقعة بغداد المشهورة ودخول أكثر الكفار إليها، وقتل خليفة بني العباس وعامة أهلها، وبذلك ثم خراب بلاد المشرق عَلَى أيدي التتار، وانتقل من حينئذٍ إِلَى الشام عامة أهل العراق، وخيارهم كما أخبر بذلك أبو أمامة، وقد سبق كلامه، وعظم أمر الشام، وكثر أهلها، واتسعت عمارتها وكثر بها علم النبوة الموروث، عن خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - ثم في آخر الزمان تخرج نار تحشر الناس كلهم إِلَى الشام، وهي أول أشراط الساعة كما في "صحيح البخاري" (٣) عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنَّه قال: "أول أشراط الساعة نار تحشرهم من المشرق إِلَى المغرب، ويجتمع الناس كلهم حينئذ بعد ذلك".

وسنذكر هذه النار فيما بعد، إن شاء الله.


(١) في الأصل "عابد" والتصويب من تاريخ دمشق (١/ ١٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٧١١٨) و"مسلم" (٢٩٠٢).
(٣) برقم (٣٩٣٨).