عن عكرمة قال: يحشر الناس نحو الشام، وأول من حشر من هذه الأمة بنو النضير.
وهذا فيه إشارة إِلَى أن الحشر إِلَى الشام ليس هو مرة واحدة، بل هو مرات كثيرة، وأول ما وقع منه حشر بني النضير إليها.
ويدخل في ذلك خروج من خرج من الصحابة، ومن بعدهم بعد.
وقد روى عن عامر بن عبد قيس أنَّه لما أخرج من البصرة كرها إِلَى الشام وكان راكبًا عَلَى بعيره، قال: الحمد لله الَّذِي حشرني راكبًا، فجعل مسيره إِلَى الشام حشرًا.
وقد ذكر أن النار التي خرجت بالحجار، وأضاءت منها أعناق الإبل ببصرى، تكامل عقيبها خراب بلاد العراق عَلَى أيدي التتار، وانتقل غالب خيار أهل العراق، بعد ذلك إِلَى الشام فهذا نوع من الحشر، وهو حشر خيار الناس إِلَى الشام (وأما شرارهم)(١) فتحشرهم النار قسرًا بعد قبض المؤمنين.
وحديث عبد الله بن عمرو صريح في هذا المعنى، ولفظه: ستكون هجرة بعد هجرة، ينحاز الناس إِلَى مهاجر إبراهيم لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها، تلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله، تحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل من تخلف.
وفي رواية:"ستكون هجرة بعد هجرة، تخرج خيار أهل الأرض إِلَى مهاجر إبراهيم -عليه السلام- هو الشام".
قال قتادة في قوله عز وجل:{وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي}[العنكبوت: ٢٦].
قال: إِلَى الشام، كان مهاجره. والله أعلم.
...
(١) في الأصل: فالشرار هم، وما أثبته هو الموافق للسياق.