للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الشرك أخفى من دبيب النمل عَلَى الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب عَلَى شيء من الجور، وتبغض عَلَى شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله؟! قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ} [آل عمران: ٣١] وقال: صحيح الإسناد، وفيما قاله نظر؛ ففي هذا الحديث أن محبة ما يبغضه الله وبغض ما يحبه الله من الشرك الخفي.

وروينا من طريق الأصمعي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد أنَّه قال في قوله تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: ٥٥] قال: لا يحبون غيره".

وحينئذ فلا يكمل التوحيد الواجب إلا بمحبة ما يحبه الله وبغض ما يبغضه الله، وكذلك لا يتم الإيمان الواجب إلا بذلك.

ومن هنا يعلم أن الإخلال ببعض الواجبات وارتكاب بعض المحرمَّات ينقص به الإيمان الواجب بحسب ذلك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... " (١) الحديث.

وروى الإمام أحمد (٢) من طريق الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: "من أصبح وأكبر همه غير الله فليس من الله".

وقد رُوي هذا مرفوعًا من حديث أنس بأسانيد ضعيفة (٣).


=وتعقبه "الذهبي" قائلا: عبد الأعلى، قال الدراقطني: ليس بثقة.
وأخرجه البزار (٣٥٦٦ - كشف) وقال: "لا نعلمه يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد". وقال الهيثمي في الجمع (١٠/ ٢٣): رواه البزار، وفيه عبد الأعلى بن أعين، وهو ضعيف.
(١) أخرجه البخاري (٢٤٧٥) وفي مواضع أخر، ومسلم (٥٧).
(٢) في الزهد (ص ٤٢).
(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل (٧/ ٦٧) وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٤٨) وقال أبو نعيم: لم يروها عن أنس -رضي الله عنه- غير فرقد، ولا عنه إلا وهب بن راشد، ووهب وفرقد غير محتج بحديثهما وتفردهما.
وقال ابن عدي في ترجمة وهب بن راشد: يروي عن ثابت ومالك بن دينار وفرقد السبخي، ليست روايته عنهم بالمستقيمة.=