وذكر ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن سهيل أخي حزم قال: بلغني عن عامر بن عبد قيس أنَّه كان يقول: "أحببت الله -عز وجل- حبًّا سهل علي كل مصيبة، ورضاني بكل قضية، فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت".
وقال إبراهيم بن الجنيد: حدثنا محمد بن الحسن، حدثني عبيد الله بن محمد التميمي "أن رجلاً قال لعابد: أوصني -أو عظني- فَقَالَ: أي الأعمال أغلب عَلَى قلبك؟ فَقَالَ الرجل: والله ما أجد شيئًا أنفع للمحب عند حبيبه من المبالغة في محبته وهل تدري ما ذلك؟ أن لا يعلم شيئًا فيه رضاه إلا أتاه، ولا يعلم شيئًا فيه سخطه إلا اجتنبه، فعند ذلك ينزل المحبون من الله منازل المحبة. قال: فصرخ العابد والسائل وسقطا".
وقد تبين بما ذكرناه أن محبة الله إذا صدقت أوجبت محبة طاعته وامتثالها، وبغض معصيته واجتنابها، وقد وقع المحب أحيانًا في تفريط في بعض المأمورات وارتكاب لبعض المحظورات ثم يرجع عَلَى نفسه بالملامة، وينزع عن ذلك ويتداركه بالتوبة.
وفي صحيح البخاري (١)"أن رجلاً كان يؤتى به إِلَى النبي صلّى الله عليه وسلم قد شرب الخمر، فَقَالَ رجل: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟ فَقَالَ رسول الله: لا تلعنه؛ فإنَّه يحب الله ورسوله".
وقد رُوي عن الشعبي في "قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}[البقرة: ٢٢٢] قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أَحَبّ الله عبدًا لم يضره ذنبه".
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال:"إن الله -تعالى- ليحب العبد حتى يبلغ من حبه إذا أحبه أن يقول له: اذهب فاعمل ما شئت؛ فقد غفرت لك".