فأفضل العِلْم العِلْم بالله، وهو العِلْم بأسمائه وصفاته، وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته، والتبتل إِلَيْهِ والتوكل عليه، والرضا عنه، والاشتغال به دون خلقه.
ويتبع ذلك العِلْم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك، والعلم بأوامر الله ونواهيه وشرائعه وأحكامه، وما يحبه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وما يكرهه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
ومن جمع هذه العلوم فهو من العلماء الربانيين، العلماء بالله، العلماء بأمر الله.
وهم أكمل ممن قصر علمه على العِلْم بالله دون العِلْم بأمره وبالعكس، وشاهد هذا النظر في حال الحسن وابن المسيب والثوري وأحمد وغيرهم من العلماء الربانيين، وحال مالك بن دينار والفضيل بن عياض ومعروف وبشر وغيرهم من العارفين.
فمن قايس بين الحالين عرف فضل العلماء بالله وبأمره على العلماء بالله فقط.
فما الظن بتفضيل العلماء بالله وبأمره على العلماء بأمره فقط، فإن هذا واضح لا خفاء به، وإنما يظن بعض من لا علم له تفضيل العباد على العلماء؛ لأنهم تخيلوا أن العلماء هم العلماء بأمر الله فقط، وأن العباد هم العلماء بالله وحده، فرجحوا العالم بالله على العالم بأمره، وهذا حق.