للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقلب واللسان، وقل ما ولع المرء بذكر الله -عز وجل- إلا أفاد منه حب الله- جل جلاله".

ومما يستجلب به المحبة تلاوة القرآن بالتدبر والتفكر، ولا سيما الآيات المتضمنة للأسماء والصفات والأفعال الباهرات، ومحبة ذلك يستوجب به العبد محبة الله ومحبة الله له.

وفي الصحيحين (١) عن أنس "أن رجلاً كان يصلي بهم ويختم قراءته {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فأمر النبي صلّى الله عليه وسلم أن يسأل عن ذلك، فَقَالَ إنها صفة الرحمن وأنا أَحَبّ أن أقرأها؟ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: أخبروه أن الله يحبه".

ومن أسباب المحبة نذكر ما ورد في الكتاب والسنة من رؤية أهل الجنة لربهم وزيارتهم له واجتماعهم يوم المزيد، فإن ذلك تستجلب به المحبة الخالصة.

وقد أشار إِلَى ذلك الحسن قال دلهم عن الحسن: "أوصيكم بتقوى الله -عز وجل- وإدمان التفكر، فإنَّه مفتاح خلال الخير كله، وبه يخص الله كل موفق، واعلموا أن خير ما ظفرتم به مدرك من تفكر بخالصة الله وشرب بكأس حبه، وأن أحباء الله هم الذين ظفروا بطيب الحياة، وذاقو لذة نعيمها بما وصلوا إِلَيْهِ من مناجاة حبيبهم، وما وجدوا من حلاوة حبه في قلوبهم، ولا سيما إذا خطر عَلَى بال أحدهم، وذكر مشافهته وكشف ستور الحجب عنه في المقام الأمين والسرور الدائم وأراهم جلاله، وأسمعهم لذيذ منطقه، ورد عليهم جواب ما ناجوه به أيام حياتهم؛ إذ قلوبهم به مشغوفة، وإذ مودتهم إِلَيْهِ معطوفة وإذ هم له مأثورون وإليه منقطعون، فليبشر المصفون له ودهم بالمنظر العجيب بالحبيب، فوالله ما أراه يحل لعاقل، ولا يجمل به أن يستوعبه حب أحد سوى حب الله - عز وجل".

خرجه ابن أبي الدنيا وغيره.


(١) أورده البخاري (٧٧٤) تعليقًا من حديث أنس.
والذي في الصحيحين: رواية عائشة عند البخاري (٧٣٧٥)، ومسلم (٨١٣).