المحب لله -تعالى- طائر القلب، كثير الذكر، متسبب إِلَى رضوانه بكل سبيل يقدر عليه من الوسائل والنوافل دوبًا دوبًا، وشوقًا شوقًا".
وعن محمد بن النضر الحارثي قال: "ما يكاد يمل القربة إِلَى الله -عز وجل - محب لله -عز وجل- ولا يكاد يسأم من ذلك".
وقال محمد بن نعيم الموصلي: "إن القلب الَّذِي يحب الله يحب التعب والنصب لله، إنه لن ينال حب الله بالراحة".
وذكر ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده "أن رجل قال لبعض العارفين: أوصني. قال: افش فعل الخيرات، وتوصل إِلَى الله بالحسنات، فإني لم أر شيئًا قط أرضى للسيد مما يحب؛ فبادر في محبته يسرع في محبتك. ثم بكى فَقَالَ له: زدني رحمك الله. قال: الصبر عَلَى محبة الله وإرادته رأس كل بر -أو قال: كل خير".
واجتمع أحمد بن أبي الحواري وقاسم الجوعي وجماعة من الصالحين بعد صلاة العتمة، وقد خرجوا من المسجد إِلَى بيت رجل قد دعاهم إِلَى طعام صنعه لهم، فأنشدهم رجل قبل دخول الباب:
علامة صدق المستخصين بالحب ... بلغوهم المجهود في طاعة الرب
وتحصيل طيب القوت من مجتنائه ... وإن كان ذاك القوت في مرتقى صعب
فلم يزل يردده وهم قيام حتى أذن مؤذن الفجر ورجعوا إِلَى المسجد.
وقد رُويت بيتان آخران مع هذين البيتين وهما:
وإمساك سوء اللفظ عن وَلَهِ جنسهم ... وإن ظلموا فالعفو من ذاك بالخطب
أولئك بالرحمن قرت عيونهم ... وحلوا من الإخلاص بالمنزل الرحب
وقال نصر: "اجتمعنا ليلة عَلَى الساحل ومعنا مسلم أبو عبد الله، فَقَالَ رجل من الأزد:
ما للمحب سوى إرادة حبه ... إن المحب بكل بر يضرع
قال: فبكى مسلم حتى خشيت والله أن يموت".
خرجه ابن أبي الدُّنْيَا.