للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد فسر طائفة من العُلَمَاء المثل العلي المذكور في قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الروم: ٢٧] بهذا، ومثله قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: ٣٥].

وقد فسرها أُبي بن كعب وغيره من السَّلف بأن المراد مثل نور الله في قلب المؤمنين.

ومن هذا حديث حارثة المشهور لما قال النبي صلّى الله عليه وسلم "وكأني أنظر إِلَى عرش ربي بارزًا؛ وكأني أنظر إِلَى أهل الجنة يتزاورون فيها، إِلَى أهل النار يتعاوون فيها.

فَقَالَ النبي صلّى الله عليه وسلم: "عرفت فالزم، عبد نَوَّر الله الإيمان في قلبه".

وهذا الحديث مروي مرسلاً، ورُوي مسندًا متصلاً، لكن من وجوه ضعيفة (١).

"وخطب عروة إِلَى ابن عمر ابنته وهما في الطواف فلم يجبه بشئ، ثم رآه بعد ذلك فاعتذر إِلَيْهِ. وقال: كنا في الطواف نتخايل الله بين أعيننا".

خرجه أبو نعيم (٢) وغيره (٣).

ويتولد من هذين المقامين للعارفين مقام الحياء من الله -عز جل-، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذلك في حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده (٤) "أنَّه سئل عن كشف العورة خاليًا، فَقَالَ: الله أحق أن يستحيا منه"

وقد ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - إِلَى دوام استحضار معية الله وقربه وإلى الحياء منه بذلك


(١) تم تخريجه في موضع آخر من مجموع الرسائل.
(٢) في الحلية (١/ ٣٠٩).
(٣) وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (٣٣٩).
(٤) علقه البخاري (١/ ٤٥٨).
وأخرجه أبو داود (٣٩٩٨ - عون)، والترمذي (٢٩١٩، ٢٩٤٦ - تحفة) وقال: حسن، إلا أن المزي نقل عنه في أحد الموضعين أنَّه قال: غريب كما في تحفة الأشراف (٨/ ٤٢٨).