للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلوب".

قالت: "وربما ترنم في السحر بشيء من القرآن" فأرى أن جميع نعيم الدُّنْيَا جمع في ترنمه تلك الساعة. قالت: وكان يكون في الدار وحده، وكان لا يصبح -أي: لا يسرج".

وروى الحافظ أبو الفرج بإسناده عن الربيع قال: "بت أنا ومحمد بن المنكدر وثابت البناني عند ريحانة المجنونة (بالأُبُلَّةِ) (١) فقامت بالليل وهي تقول:

قام المحب إِلَى المؤمل قومةً ... كاد الفواد من السرور يطير

فلما كان جوف الليل سمعتها تقول أيضاً:

لا تأنسن بمن توحشك نظرته ... فتمنعن من التذكار في الظلم

واجهد وكد وكن في الليل ذا شجن ... يسقيك كأس وداد العز والكرم

قال: ثم نادت: واحزناه! واسلباه!. فقلت: مم ذا؟! فقالت:

ذهب الظلام بأنسه وبإلفه ... ليت الظلام بأنسه يتجدد".

وروى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن مطرف بن أبي بكر الهذلي قال:

"كانت عجوز في عبد القيس متعبدة (فإذا) (٢) جاء الليل تحزمت ثم قامت إِلَى المحراب، وكانت تقول: المحب لا يسأم من خدمة حبيبه".

وسئل بعض العارفين عن حاله، فأنشد:

من لم يبت والحب حشو فؤاده ... لم يدر كيف تقت الأكباد

وروينا من طريق الحسن بن علي بن يحيى بن سلام قال: "قيل ليحيى بن معاذ -يروي عن رجل من أهل الخير- وكان قد أدرك الأوزاعي وسفيان أنَّه سئل: متى تقع الفراسة عَلَى الغائب؟ قال: إذا كان محبًّا لما أَحَبّ الله، مبغضًا لما أبغض الله وقعت فراسته عَلَى الغائب. فَقَالَ يحيى:


(١) في المطبوع: بالأيلة.
(٢) في المطبوع: فكانت إذا.