للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جانب، واعلم أنَّه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والمقام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به، والسلام".

وكان عتبة الغلام يبكي بالليل ويقول: "قطع ذكر العرض عَلَى الله أوصالَ المحبين. ثم يحشرج البكاء حشرجة الموت ويقول: تراك يا مولاي تعذب (محبيك) (١) وأنت الحي الكريم. وبات ليلة بالساحل قائمًا يردد هذه الكلمات لا يزيد عليها ويبكي حتى أصح: إن تعذبني فإني لك مُحبُّ، وإن ترحمني فإني لك محبٌّ! ".

وكان كهمس يقول في الليل: "أتراك تعذبني وأنت قرة عيني يا حبيب قلباه؟! ".

وكان أبو سليمان [يبكي] (٢) ويقول: "لئن طالبني بذنوبي لأطالبنه بعفوه، ولئن طالبني ببخلي لأطالبنه بجوده، ولئن أدخلني النار، لأخبرن أهل النار أني كنت أحبه".

وأخذ هذا المعنى بعض [الشعراء] (٢) المتأخرين فَقَالَ:

وحقك لو أدخلتني النار قلت للـ ... ذين بها قد كنتُ ممن (أحبه) (٣)

وآيةُ حبِّ الصبِّ أن يَعْذُبَ الأسى ... إذا كان من يهوى عليهم (يصيبه) (٤)

كان بعض المحبين عند قوم يبكون من الخوف، فأنشد:

كلهم يعبدون من خوف نار ... ويرون النجاة فضلا جزيلا

أو بأن يسكنوا الجنان فيعطوا ... روضة من رياضها سلسبيلا

ليس لي في الجنان والنار رأيٌ ... أنا لا أبتغي بحبي بديلا


(١) في المطبوع: "محبك".
(٢) من المطبوع.
(٣) في المطبوع: "يحبه".
(٤) فى المطبوع: "يَصُبُّه".