للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلم ما يكون: خف الله حتى لا يكون عندك شيء أخوف منه، وارج الله حتى لا يكون عندك شيء أرجا منه، وأحب الله حتى لا يكون شيء أَحَب إليك منه؛ فإذا فعلت ذلك علمت علم الأولين، وعلم الآخرين، وعلم ما كان، وعلم ما يكون. فَقَالَ: لا جرم لا سألت أحدًا بعدك عن شيء ما بقيت".

وعن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياش يقول: "مر عيسى -عليه السلام- بثلاثة من الناس نحلت (أبدانهم) (١) وتغيرت ألونهم فَقَالَ: ما الَّذِي (بَلَّغَكُم) (٢) ما أرى؟! قالوا: الخوف من النيران. قال: مخلوقًا خفتم وحق عَلَى الله أن يؤمن الخائف. ثم جاوزهم إِلَى ثلاثة أخر؛ فإذا هم أشد تغيرًا وأنحل أجسامًا، فَقَالَ: ما الله (بَلَّغَكُم) (٢) ما أرى؟! قالوا: الشوق إِلَى الجنة. قال: مخلوقًا اشتقتم وحق عَلَى الله أن يعطيكم ما رجوتم، ثم جاوزهم إِلَى ثلاثة أخر؛ فإذا هم أشد تغيرًا وأنحل أجسامًا، كان عَلَى وجوههم المرايا من النور. فَقَالَ: ما الَّذِي (بَلَّغَكُم) (٢) ما أرى؟! قالوا: حب الله -عز وجل- قال: أنتم المقربون، أنتم المقربون، أنتم المقربون" (٣).

وروى إبراهيم بن الجنيد بإسناده عن محمد بن كعب قال: "أوحى الله إِلَى موسى -عليه السلام-: إن إبراهيم -عليه السلام- لم يحبني أحد من خلقي كحبه إياي".

وعن أبي حازم القيساري قال: "مكتوب في الإنجيل: يا عيسى، الحق


(١) في المطبوع: "أجسامهم".
(٢) في المطبوع: "بلغ بكم".
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية (١٠/ ٧) من حديث إسحاق بن خلف .. فذكره. وهو منقطع بين الرواي وعيسى عليه السلام.
قال الشيخ مجدي قاسم في تعليقه عَلَى هذا الموضع من الكتاب: خوفنا الله من النار فوجب علينا أن نخاف، وشوقنا إِلَى الجنة فحق علينا أن نشتاق. والحب كالطير له جناحان، وجناحاه الخوف والرجاء فلا يطير إلا بهما.