للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان علي بن الحسين إذا توضأ اصفر لونه، فيقال له: ما هذا الَّذِي يعتريك عند الوضوء؟!. فيقول أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟.

وكان منصور بن زاذان إذا فرغ من وضوئه يبكي حتى يرتفع صوته، (فقيل) (*) له: ما شأنك؟!. (فَقَالَ) (**): وأي شيء أعظم من شأني، إني أريد أن أقوم بين يدي من لا تأخذه سنة ولا نوم، فلعله (يعرض) ( ... ) عني.

وكان عطاء السليمي إذا فرغ من وضوئه ارتعد وانتفض وبكى بكاءً شديدًا، فقِيلَ لَهُ في ذلك، فَقَالَ: إني أريد أن أتقدم إِلَى أمر عظيم: إني أريد أن أقوم بين يدي الله عز وجل.

الرابع: استحضار اطلاع الله عز وجل عَلَى عبده في حال العمل له، وتحمل المشاق لأجله، فمن تيقَّن أن البلاء بعين من يحبه هان عليه الألم كما أشار تعالى إِلَى ذلك وله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: ٤٨].

وقوله تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام-: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦]. وقال: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك" (١).

وقال أبو سليمان الداراني: قرأت في بعض الكتب: يقول الله عز وجل: "بعيني ما تحمَّل المتحمِّلون من أجلي، وكابد المكابدون في طلب مرضاتي، فكيف بهم وقد صاروا في جواري، وتبحبحوا في رياض خلدي؟

فهنالك فليبشر المُصَفُّون لله أعمالهم بالمنظر العجيب من الحبيب


(*) فيقال: "نسخة".
(**) فيقول: "نسخة".
( ... ) في المطبوع: "يرضى".
(١) أخرجه البخاري (٥٠) ومسلم (٨) في سياق حديث جبريل الطويل.