للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧].

قال بعض السَّلف: أخفوا لله العمل فأخفى الله لهم الجزاء، فلو قدموا عليه لأقر تلك الأعين عنده.

ومما يجزي به المتهجدين في الليل: كثرة الأزواج من الحور العين في الجنة، فإن المتهجد قد ترك لذة النوم ولذة التمتع بأزواجه طلبًا لما عند الله عز وجل، فعوضه الله تعالى خيرًا مما تركه وهو الحور العين في الجنة، ومن هنا قال بعضهم: طول التهجد مهور الحور العين في الجنة.

وكان بعض السَّلف يحيى الليل بالصلاة ففتر عن ذلك، فأتاه آتٍ في منامه فَقَالَ له: قد كنت يا فلان تدأب في الخطبة، فما الَّذِي قصر بك عن ذلك؟. قال: وما ذلك؟. قال: كنت تقوم من الليل، أو ما علمت أن المتهجد إذا قام إِلَى التهجد قالت الملائكة: قد قام الخاطب إِلَى خطبته؟!

ورأى بعضهم في منامه امرأة لا تشبه نساء الدُّنْيَا فَقَالَ لها: من أنت؟ قالت: حوراء أمة الله. فَقَالَ لها: زوجيني نفسك. قالت: اخطبني إِلَى سيدي وأمهرني. قال: وما مهرك؟. قالت: طولُ التهجد.

نام بعض المتهجدين ذات ليلة فرأى في منامه حوراء تنشد:

أتخطب مثلي وعني تنام ... ونوم المحبين عنا حرام

لأنا خلقنا لكل امرئ ... كثير الصلاة براه (١) الصيام

وكان لبعض السَّلف ورد من الليل فنام عنه ليلة، فرأى في منامه جارية كأنّ وجهها القمرُ ومعها رق فيه كتاب مكتوب، فقالت: اتقرأ؟ قال: نعم. فأعطته إياه ففتحه فإذا فيه مكتوب:

أألهتك لذة نومة عن خير عيش ... مع الخيرات في غُرف الجنان

تعيش مخلدًا لا موت فيه ... وتنعم في الجنان مع الحسان


(١) أهزله وأضعفه: (اللسان: ١٤/ ٧١).